بينما هبطت الوفود الروسية والأوكرانية على اسطنبول يوم الجمعة في محاولة لإنهاء الحرب التي دامت ثلاث سنوات في أوكرانيا، لا يمكن أن تكون الفارق بين الطرفين في الصراع أكثر وضوحًا. أحدهما يبدو واثقًا ومنهجيًا – متأكدًا من أهدافه. بينما الآخر، مبعثر وغير متأكد.

موقف روسيا بخصوص ملامح تسوية محتملة كان واضحًا منذ فترة طويلة – بخلاف الغموض المحسوب في المسائل الإقليمية، الذي تحتفظ به كوسيلة ضغط. تستمر موسكو في المطالبة بالعودة إلى اتفاقات اسطنبول، التي تعطلت – كما نعلم الآن – بسبب المملكة المتحدة والولايات المتحدة في ربيع عام 2022. في الوقت نفسه، تطالب بالاحتفاظ بالمناطق التي احتلتها منذ ذلك الحين – وربما المزيد، على الرغم من أن كم المزيد لا يزال غير محدد بشكل متعمد.

موقف التحالف الموالي للأوكرانيين، على النقيض من ذلك، فوضوي. اعتمدت الولايات المتحدة موقفًا شبه محايد، بينما تعمل أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون على منع واشنطن من الضغط على كييف للدخول في سلام مبكر وغير عادل.

وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال يوم الخميس إن إدارة ترامب مفتوحة على أي آلية يمكن أن تنهي الصراع. في الوقت نفسه، يصرون أوكرانيا وشركاؤها الأوروبيون على وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا كشرط مسبق للدخول في محادثات السلام.

في اللحظة الأخيرة قبل بدء المفاوضات في اسطنبول، أعلنت أوكرانيا أن وفدها لن يناقش أي شيء مع الروس حتى يتم الاتفاق على وقف إطلاق نار. دعمت الدول الأوروبية هذا المطلب، مع تهديدات بفرض عقوبات شديدة ادعوا أنهم على استعداد لفرضها. ما إذا كانت أوكرانيا في نهاية المطاف ستتخلى عن هذا المطلب بقي النقطة الرئيسية للغموض حين بدأت المحادثات المباشرة في اسطنبول بعد ظهر يوم الجمعة.

عندما خرج المفاوضون من المكان وواجهوا الصحافة، تركوا هذا السؤال دون جواب. اتفق الطرفان على مواصلة المحادثات، لكن وقف إطلاق النار لا يزال على الطاولة – ربما كإجراء للحفاظ على ولادة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. من غير المرجح للغاية أن توافق الروس على وقف إطلاق نار حتى يروا طريقًا واضحًا نحو الاتفاق النهائي.

ولكن الهدف من هذه اللعبة الهدنة كان واضحًا جدًا – خصوصًا للجمهور المستهدف: إدارة ترامب. واضح أن وقف إطلاق النار يعمل ضد روسيا، التي تعتمد رافعة أساسية في المحادثات على التقدم البطيء ولكن المستمر لقواتها على طول الخط الأمامي البالغ أكثر من 1000 كيلومتر.